هل العربية لغة أم عرق؟

 العربية لسان وليست عرق.

أولًا: لأن العرق والإثنية هما مفهومين وهميين وأن وجود عرق نقي هو شيء مستحيل.

ثانيًا: إذا طبقنا هذا على العرب نجد أن المؤرخين والنسابين يقسمون العرب لثلاثة أقسام:

أ. العرب البائدة: كقوم عاد وثمود وجديس وعبيل وجُرهُم، وهؤلاء اندثروا قبل الإسلام بزمن.

ب. العرب العاربة: وهم القحطانيون الأوائل، وقيل أن هؤلاء أيضًا انقرضوا، وورثهتهم قحطان الثانية، وقحطان الثاني هذا ينتسب إلى إسماعيل عليه السلام.

ج. العرب المستعربة: وهؤلاء أيضًا ينتسبون إلى عدنان من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، والذي نشأ بين القبائل التي جاورت زمزم والكعبة، وتزوج وتعلم العربية منهم.

وبالتالي يقول المحققين أن العرب الموجودة الآن من ولد عدنان جميعا، لأن قحطان من ولد عدنان عند ‏أهل التحقيق. وبذلك تكون العرب مستعربة جميعاً. وبالتالي ينتسب كل العرب اليوم إلى إسماعيل عليه السلام والذي هو غير عربي الأصل لكنه تعرَّب بتكلُّمه اللغة العربية.

وجميعنا يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد عدنان وينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وهو الذي قال الله فيه: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (إبراهيم: 4) فنسبه الله تعالى إلى قومه العرب ولسانهم العربي المبين كما في آيات أخرى كثيرة.

وبعد الإسلام وفتح البلاد تعرَّبَت أمم أخرى بعضها كان له أصول عربية (مستعربة) وبعضها له أصول غير عربية، لكن في النهاية كل من تكلم العربية هو عربي لأن حتى الفرق بين العربي الإسماعيلي والعربي غير الإسماعيلي هي ببساطة مسألة وقت، فبعض متحدثي العربية اليوم تكلموها قبل بعضهم الآخر.. موضوع منتهي ولا يحتاج لجدل.





في اليمين (مارك سايكس) ممثل الجانب الإنجليزي، وفي اليسار (فرانسوا بيكون) ممثل الجانب الفرنسي في الإتفاقية التي قسمت العرب إلى دويلات صغيرة بعدما ثبت أنهم قابلين للتقسيم عقب انفصالهم عن جسد الخلافة الإسلامية.

وأخيرًا لن أنسى أن أذكر القارئ أن القومية والعرقية والتفاخر بالأنساب دعوات باطلة ومذمومة في الإسلام، وأنها من دعوى الجاهلية التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها منتنة"

وإذا تتبعتها في تاريخنا أو التاريخ العالمي تجد أنها لا تأتِ بخير، فالقومية هي ما أشعلت الحرب بين العدنانيين والقحطانيين وأدت إلى سقوط الدولة الأموية، والإثنيات وعقيدة التفوق والتقلء العرقي هي ما أشعلت الحرب العالمية الثانية التي قتلت عشرات الملايين، والقوميات المصطنعة التي فتتت دولة الخلافة الإسلامية منذ حوالي القرن، فكانت الدعوات الأولى للقومية بهدف فصل العرب عن الأتراك والهنود والشعوب الإسلامية الأخرى، وما لبثت أن أصبحت لتقسيم العرب لذلك العدد من الدول التي لا تستطيع واحدة منهم أن تقرر لنفسها شيئًا. وكما نرى اليوم، كل دولة من تلك الدول الصغيرة بها كمية عرقيات وأقليات ونزعات عنصرية يتم إحيائها عمدًا تمهيدًا لإعادة تقسيم المُقَسَّم.

وأضع بين أيديكم بعض الشواهد على نبذ هذه الدعوات في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:

خاطب الله عز وجل المسلمين بقوله "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (آل عمران: 110)

أمة واحدة رغم أن فيهم الحبشي والرومي والفارسي والأبيض والأسود والذي من خير العرب والذي من أدناها، وجعل مقياس خيريتهم ما يفعلونه من أمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال أيضًا "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات: 13)

وقال ﷺ "... ومن قاتل تحت رايةٍ عَمِيَّةٍ ، يغضبُ لعَصَبِيةٍ ، أو يَدْعُو إلى عَصَبِيَّةٍ ، أو ينصرُ عَصَبِيَّةً ، فقُتِلَ ، فقَتْلُه جاهليةٌ ..."

النبي ﷺ "... وأنا آمرُكم بخمسٍ أمرني اللهُ بهنَّ: الجماعةُ، والسمعُ والطاعةُ، والهجرةُ، والجهادُ في سبيلِ اللهِ، فإنه من فارق الجماعةَ قيدَ شِبرٍ فقد خلع ربقةَ الإسلامِ من عُنُقِه، إلا أن يراجعَ، ومن دعا بدعوةِ الجاهليةِ فهو من جثَاءِ جهنَّمَ، وإن صام وزعم أنه مسلمٌ، فادعو بدعوةِ اللهِ التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عبادَ اللهِ"

وفي المقابل ثمَّنَ الله التبرؤ من النسبة إلى غيره إذا كان انتساب جاهلي أعمى ومتعصب، فقال جل من قائل "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمََ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِِ وَحْدَهُ" (الممتحنة:4)

وقال تعالى "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" (المجادلة: 22)

وقال صلى الله عليه وسلم "إنَّ اللهَ قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليةِ وفخرَها بالآباءِ، مؤمنٌ تقيٌّ وفاجرٌ شقيٌّ، أنتم بنو آدمَ، وآدم من تراب، لَيَدَعَنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوامٍ إنما هم فحمٌ من فحْمِ جهنمَ أو لَيكونُنَّ أهونَ على اللهِ من الجِعْلَانِ التي تدفعُ بأنفْها النَّتِنَ"

وقوله "يا مَعْشَرَ قريشٍ! اشْتَرُوا أنفسَكم من اللهِ، لا أُغْنِي عنكم من اللهِ شيئًا، يا بني عبدِ مَنَافٍ! اشْتَرُوا أنفسَكم من اللهِ، لا أُغْنِي عنكم من اللهِ شيئًا، يا عباسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ! لا أُغْنِي عنكَ من اللهِ شيئًا، يا صفيةُ عَمَّةَ رسولِ اللهِ! لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا، يا فاطمةُ بنتَ مُحَمَّدٍ! سَلِينِي من مالي ما شِئْتِ لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا"


فلا العرب عرق أو إثنية، ولا هم أفضل من غيرهم ولا غيرهم أفضل منهم. كلنا من آدم وآدم من تراب.

وليخبرني أحدكم لماذا يتكتل الغربيون رغم اختلاف لغاتهم وألوانهم أديانهم وحتى طوائفهم داخل الدين الواحد فنجد حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والفرانكفونية والإتحاد اللاتيني، بينما لا يصدرون لنا نحن إل العملاء الذين صدعوا رؤوسنا بالقوميات؟ لماذا لا ينشط البحث عن الاختلافات إلا في البلاد المتخلفة؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مثال لتعريب مصطلحات تطبيق ميتا الجديد | خيوط Threads

شواهد في محدودية قوة مَن تخشاه مهما امتلك من أسباب القوة

متى نصل إلى جواز سفر إفريقي موحد؟