هل ندرك مدى فعالية خوض معركة اللغة العربية؟
يتم غزو اللغة العربية وإبادتها من الداخل حتى لا تنافس في سباق اللغات العالمية التي سترث اللغة الإنجليزية بإذن الله، وفي نفس الوقت استبعاد العربية سيقطع سبل كثيرة بالإسلام كدين ويخرجه من المنافسة كنظام فكري وثقافي بديل للنظم العلمانية الحاكمة في زمننا. وقد يرى البعض أن هذه مبالغة مني لكنه في الواقع غزو حقيقي مرة بالأدوات الخشنة ومرة بالقوى الناعمة.يقول الشيخ إبراهيم السكران في كتابه الماجريات صـ103 أن الاحتلال الفرنسي اعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر ومن ثم بدأ يلاحق معلمي اللغة العربية ويوقع عليهم عقوبات التغريم والحبس، وهذا قاله الشيخ البشير الإبراهيمي في آثاره صـ5/262 وقال الشيخ الفضيل الورتلاني في كتاب الجزائر الثائرة صـ97 أن إرسال رسالة لصديقك مع جعل العنوان المرسلة إليه بالعربية يجعل مصير رسالتك سلة المهملات.يقول الشيخ السكران أن قناعة المحتل الفرنسي كانت بربط الاحتلال باللغة بحيث صرح أحد المسئولين الفرنسيين في الجزائر أن الجزائر لن تكون فرنسية ما لم تكن لغة فرنسا هي السيادة فيها. ولذلك اهتم الشيخ البشير بالكتابة في قضية اللغة العربية وإقامة الأنشطة التعليمية لها.
نشر الأستاذ أحمد القاريء منشورًا على حسابه في لينكدإن يقول فيه "في قطار الترامواي وسط الدار البيضاء تسمع إعلان اسم المحطة الموالية "محطة علي يعتة" بالعربية يليه الإعلان بالفرنسية "ستاسيو آلي ياتا".
الفرنسية في البلدان المغاربية ليست استخدامًا محايدًا للغة أجنبية. بل هو انتقال لغوي ثقافي سلوكي يتطلب تنازلات واسعة من بينها التنازل عن صيغة أسماءنا وأسماء أعلامنا لتكون مناسبة للنطق الفرنسي.
بالمقابل يُبذَل جهد خارق للمحافظة على نطق الكلمات الفرنسية وأسماء الأعلام الأوروبية نطقًا فرنسيًا باريسيًا حتى حين يتم ذلك ضمن الحديث بالعربية.
القضية ليست مجرد استخدام لغوي، وأفضل تلخيص لها هو قصة الأستاذ الفرنسي الذي نبه الطفل المهاجر بقسوة "لا ننطق الحاء هنا، اسمك آميد وليس أحمد." بكى الطفل بسبب الإهانة وما زالت دموعه تسيل.
وعندما استشرت العلمانية والإلحاد في تركيا كانت الجماعة النقشبندية، وهي أكبر جماعة إسلامية في تركيا، قامت بمحاربة الإلحاد والتغريب في أسطنبول وكان الشيخ محمود أفندي وهو أحد أعلام النهضة الإسلامية بتركيا كان واعيًا لأهمية اللغة العربية بحيث كان من أهدافهم أن تكون لهم في كل شارع مدرسة لتعليم القرآن وعلوم الدين وعلوم اللغة العربية في سبيل إعادة التدين إلى تركيا عمومًا وإلى إسطنبول ومنطقة مسجد محمد الفاتح وما حولها خصوصاً.والنتيجة ظاهرة في الواقع أدوأوضح من أن يتم إيضاحها، جيل يتقن اللغة الأجنبية (إنجليزية أو فرنسية أو ألمانية..) أفضل من لغته الفصحى، ويستطيع التفاهم بلغته العامية التي وُلد بها أفضل من اللغة الفصحى، حتى الأجانب غير الناطقين بالعربية يكادون إذا رغبوا في تعلم العربية أن يتعلموا لهجة عامية ما بدلًا من الدخول في مسار تعلم العربية الفصحى بما أنه أصعب وأقل فائدة من الناحية العملية.
تعليقات
إرسال تعليق