إلى أي مدى يمكننا تفصيح لهجاتنا العامية؟
قد يتساءل البعض قائلين: زي هل ترى أنه من الواقعي مطالبة الناس بالعودة للتكلم باللغة العربية الفصحى في هذا الزمن؟ وفي الشوارع والبيوت؟
والواقع أنني لم أقصد هذا ولا أستطيع تصور أن يحدث للأسف؛ ببساطة لأن اللغات لا تعود للوراء. لكن تجربة إحياء اللغة العبرية تعطيني بعض الأمل في أنه يمكن تحقيق بعض الضبط للغة الناس المستعملة في كل مكان وبأشكال متفاوتة.
فإذا لم نكن نتصور أن يتكلم الناس بالفصحى في الأسواق، فعلى الأقل يجب على الناس أن يتحدثوا بها داخل قاعات الدرس في المدارس والجامعات والمعاهد، ألا تُلزِم الكثير من المدارس طلابها ومعلميها بالتكلم بالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية حصرًا! ألا توصي المراجع التعليمية بأن من أفضل طرق تدريس مهارات المحادثة في اللغة الأجنبية هي للبدء بالفعل في الحديث بها حتى لو لم يكن مستوى متحدثيها مثالي! فهذا من ناحية، يعني أتوقع على الأقل أن يصبح الحديث بالعربية في المدارس والجامعات وقنوات التلفاز والمساجد والمباني الحكومية أساسيًا.
ثانيًا: لا أظن أنه من الصعب أن تصبح الكتابة بالفصحى هي السائدة في مواقع التواصل الاجتماعى والمدونات بدلّا من مهزلة الكتابة باللهجات العامية التي نراها اليوم حتى بدأنا نرى موسوعات مكتوبة بالعامية وكتب تصدر في معرض الكتاب مكتوبة باللهجات العامية. وضربنا مثال بتطبيق قورة في سيادة التدوين باللغة العربية الفصحى. وعِظَم الفوائد التي أدى ذلك إليها.
ثالثًا: أرجو أن يقترب الناس من الحديث بالفصحى ولو لم يتركوا عامياتهم، فمثلًا: ليس مطلوباً من الناس الإلتزام بإظهار الإعراب من فتحة وضمة وكسرة في نهاية الكلمات كلها، لكن على الأقل لا يخطئون أخطاءًا قاتلة في هذا الشأن، وليس مطلوباً منهم نطق الكلمات كما أُنزِلَت كقول "ذئب وثعلب وبئر" بدلاً من "ديب وتعلب وبير" فهذه أشياء لها وجه في الفصحى، لكن على الأقل ألا يستعملوا كلمات أجنبية في سياق الحديث، فما الحاجة لقول mobile أو Phone في حين لدينا بدائل كثيرة مثل "هاتف ونقال وجوال ومحمول"! وهكذا.
كذلك لا أطالب الناس بترك نطق حروف سهلة مثل الگيم المصرية، لكن على الأقل لا نسمع تلاوات قرآنية بالگيم المصرية.
باختصار: دعوتي هي لتنقية العربية قدر الإمكان من التأثيرات الأجنبية، ومحاولة فرض ثقافتنا فرضًا لأن لغتنا ستموت إن لم نأخذ الامر بجدية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تعليقات
إرسال تعليق