لماذا علينا أن نكتب بالفصحى في مواقع التواصل الاجتماعي؟
يختار الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الكتابة باللهجات العامية إما لضعفهم في الفصحى أو لاعتقادهم بأن العامية تضمن لهم وصولًا أكبر وكونها أقرب عاطفيًا إلى الناس. وأكتب مقالي هذا لبيان خطأ هذا الاعتقاد من عدة نواح، وللتدليل على فوائد الكتابة بالفصحى حتى من الناحية النفعية البحتة.
أولًا: معظم مواقع التواصل الاجتماعي والوظيفي مثل يوتيوب وفيسبوك ولِنْكِدْ-إن بها خوارزميات تترجم المنشورات والمقاطع المرئية والتعليقات. هذا يعني أنه لا حاجة لكي تستهدف جمهورًا أجنبيًا مع جمهورك العربي أن تكتب له بلغته فليست لغة الأجنبي خير من العربية في شيء، بل كل ما تحتاج إليه هو الكتابة بلغة عربية فصحى إذ أنه يصعب على الخوارزميات - ويكاد يستحيل - أن تترجم النصوص المكتوبة بلهجات عامية بشكل دقيق. هذا يعطي أفضلية للمنشورات والتعليقات والمقاطع المقدمة باللغة العربية الفصحى، وإذا أردت مضاعفة انتشار مقطعك أضف ترجمة شاشة معدلة باللغات التي ترغب فيها، وستكتشف أن الخوارزميات تتعرف على الفصحى المكتوبة والمنطوقة بشكل يعطي نتائج أفضل حتى مع خيار الترجمة الآلية.
ثانيًا: بحسب بعض الدراسات فإن استخدام الإنجليزية في التدوين عبر الشابكة تضاعف بنسبة 281% خلال العقد من 2001 إلى 2011 في حين زاد استخدام العربية بنسبة 2.5% فقط في نفس الفترة، يعني زادت الإنجليزية وحدها ما يمثل أكثر من 112 ضعف زيادة اللغة العربية، رغم أن ناطقي العربية يمثلون حوالي ⅕ ناطقي الإنجليزية عبر الشابكة وأن العربية هي اللغة الخامسة عالميًا من حيث نسبة متحدثيها.
والسؤال هنا هو كيف سنثري المحتوى المكتوب والمنطوق بلغتنا العربية ونحن عالة على لغات الآخرين؟ ألا تستحق العربية مكانة عالية في ترتيب اللغات العالمية الأكثر استخداماً على الشابكة؟ إن كنت ما زلت مقتنعًا بأن الكتابة والكلام بلغة أجنبية مع جمهور عربي هو شيء يرفع من قيمتك فاعلم أنك تعاني من مرض الانبطاح والتقزم أمام الثقافة الغالبة. وخلاصة القول أن إثراء المحتوى العربي لن يحدث - بطبيعة الحال - إلا عبر الكتابة بالعربية. وللعلم فالعاميات تشتت المجهود المبذول في طريق ترفيع ترتيب اللغة العربية في المحتوى، وبالتالي يقلل من قيمتها السوقية ومن معدلات الطلب عليها. هذا من الناحية الاقتصادية البحتة.
وللحديث بقية إن شاء الله.
تعليقات
إرسال تعليق